قبل البدء

قال الله جل و علا أفمن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"، فمن كان هائماً على وجهه، سائراً مع تيارات الحياة أينما وجهته، لا يستوي شرعاً و لا عقلاً مع السائر على هدى، يطلب غاية و يسعى إليها و لا يتنكب عنها.
و عمر الإنسان من أغلى ما يملك، إذا وضعه في موضعه أدرك سعادة الدنيا و هناء الأخرة، و إن فرط فيه و بخسه و أنفقه فيما لا يليق به حصل حزن الدنيا و ندم الآخرة، "كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمُعْتِقُهَا أو مُوبِقُهَا "، و "لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع"، منها: " عن عمره فيما أفناه"، و أعمار الناس تتفاوت قيمتها بقدر أثرها و بركتها، و "المؤمن القوي خير و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، و للقوة أوجه كثيرة، من المعارف و المهارات و العلوم و رجاحة نفسه و أمته، و يرفع أعمدتها على كاهليه، أما الضعيف فهو عاجز في نفسه ، كل على أمته، " وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم "؟!
لذلك ينبغي على العاقل أن يخطط لهذا العمر و أن يجتهد في تحصيل ما يزيد من فاعليته و إنتاجه و بركته، ليكون مباركاً أين ما كان، مثمراً حيثما حل.
و لأنكم أمل الأمة و مستقبلها، و رؤوس الغد و كباره، فإن برنامج (عناية ) قد استفرغ وسعه في تيسير ذلك لكم، و مساعدتكم فيه، فاجتهدنا في حصر ما تحتاجه أرواحكم و عقولكم و قلبوكم لتثمر و تزدهر، ثم خططنا للأنشطة التي يمكنكم من خلالها تحصيل جميع ذلك و تشربه بأفضل الوسائل الممكنة و أكثرها فاعلية، و صنعناها على أعين طائفة كبيرة من التربويين مئات الساعات من الجهد و الورش و الاجتماعات و المراجعات و الاهتمام و الأمل، ثم الآن نرجو أن تساعدونا في ذلك بالاجتهاد و المثابرة و المشاركة الفاعلة.