بماذا يهتم علم نفس النمو؟

يهتم علم نفس النمو – الذي يعد أحد فروع علم النفس - بدراسة الإنسان في جميع مراحل نموه (منذ كونه جنيناً وحتى يصير كهلا)، وفي كل نواحي هذا النمو (الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي والنفسي و...)، كما أنه يهتم بدراسة ووصف العوامل التي تؤثر في يوضح علم نفس النمو للمربي تلك الجوانب أو النواحي سلباً أو إيجاباً وعلى ضوء ذلك يوضح علم نفس النمو للمربي التغيرات السلوكية التي تصاحب كل مراحل الأعمار الزمنية، كما يبين المبادئ العامة التي تصف اتجاه النمو بهدف تفسيرها والتنبؤ بها وضبطها وتوجيهها بما يحقق النمو الأمثل للإنسان، تحقيقاً للغاية الكبرى التي خلقه الله من أجلها؛ الاستخلاف في الأرض لاستعمارها للإنسان، تحقيقا وعبادته سبحانه وتعالى. 

 و تأسيساً على هذا، فإن دراسة المربي لعلم نفس النمو، وخاصة لما يرتبط بمراحل نمو الإنسان، وسماته السلوكية في كل مرحلة، ومبادئ هذا النمو وقوانينه، والعوامل المؤثرة عليه، والمشكلات التي يتعرض لها في كل مرحلة، لذو أهمية وجدوى كبيرة في تحسين التعامل مع المتربين، وتحقيق الأهداف المنشودة على أتم وجه.

ويمكن اختصار أهمية معرفة المربي لذلك في النقاط الآتية 

  1. تساعد المربي على معرفة ما الذي يتوقعه من المتربي ومتى يتوقعه. وبهذا، تسهم هذه المعرفة في تقديم الرعاية والتوجيه المناسبين لمستويات وأنماط السلوك المتوقعة بما يمقل للمتربي نمواً سوياً في مختلف جوانبه. أما إذا لم يكن المربي على مستوى عالً  من الكفاية أو الجدارة في هذا الجمال، أو إذا لم يستطع توقع سلوك المتربين، أو كان توقعه أقل من المستوى؛ فإن هذا يؤدي إلى خفض الدافعية في المتربي, وبالتالي ينجز مستوى أقل من قدراته الحقيقية
  2. تهيئ للمربي الأساس اللازم للتخطيط والتنشيط البيئي الذي ينبغي تقديمه للمتربي، والتوقيت الصحيح لتنشيط واستثارة النمو فيه.
  3. تمكن المربي من تهيئة المتربي مقدما للتغيرات التي سوف تحدت في جوانب النمو المختلفة، الجسمية، والانفعالية، والاجتماعية، وغير ذلك. وبالرغم من أن هذه التهيئة النفسية سوف لا تزيل كل التوترات التي تصاحب عملية التكيف بطريقة سوية, إلا أنها سوف تسهم بدرجة كبيرة في الإقلال منها؛ فالطفل الذي نقوم بتهيئته لما نتوقعه منه حينما يدخل المدرسة، على سبيل المثال، يتكيف مع المدرسة ويكون أكثر سعادة بها من الطفل لمثل هذه النقلة الجذرية في حياته بصفة عامة.
  4. تعين المعرفة بعلم نفس النمو المربي على تحديد معايير معينة لما يمكن أن يتوقعه في كل مرحلة نمائية؛ بمعنى أنه إذا كان علم نفس النمو يوفر مقاييس العمر العقلي، مقاييسِ عمر القراءة، مقاييس ،... فإنه يمكن المربي من تحديد مقاييس تطور النمو بالنسبة لأغراض التنظيم المدرسية وتهيئة عمليات التعليم والتعلم. فعلى أساس ما يوفره علم نفس النمو من مقاييس وغيرها، يستطيع المربي تحديد كيفية: تنظيم الصفوف الدراسية، تخطيط البرامج التعليمية، استراتيجيات التعلم والتعليم لكل مرحلة عمرية، تصميم الخبرات والأنشطة التربوية على أساس علاقات المتربي الشخصية وحياته الاجتماعية والانفعالية، والمشكلات المتعلقة بسنه.
  5. يقدم علم نفس النمو للمربي صورة واضحة المعالم عن ميول المتربي وأهدافه في مختلف مراحل العمر, كما أنه يشرح وسائله الخاصة لتحقيق تلك الأهداف. وإذا تمكن ً المتربي من تحديد سماته النفسية مجردا عن عوامل التحريف، فذلك أدعى ليعرف نفسه، وإذا عرف الإنسان نفسه وأدرك ما فيها من نقاط الضعف والقوة، أو الخير والشر، فقد يسعى لتعديل دوافع الشر وتنمية مواطن الخير. وهكذا فدراسة هذا العلم تمهد السبيل أمامنا لتكون أحكامنا على أنفسنا أكثر حيادا، ومعرفتنا لسلوكنا معرفة موضوعية إيجابية، وذلك ما يفضي إلى فائدة شخصية ذاتية في تحقيق التوجيه أو الوقاية والعلاج النفسي.
  6. يتوقف على معرفة المربي بالخصائص العمرية للمتربين والفروق الفردية بينهم تحديد نوع علاقاته الاجتماعية مع المتربين، فلا يطلب منهم أكثر مما بقدراتهم ولا يكلفهم بما يتجاوز علاقاتهم، وبذلك تقوم العلاقات الاجتماعية على مستواها العلمي الإنساني وتنشأ في الأنفس القيم الأخلاقية السلوكية التي تعيش في واقع الناس وتكوينهم.


و اختصاراً يمكن القول أن معرفة المربي بخصائص المتربين العمرية تساعده على:

  1. زيادة معرفته للطبيعة الإنسانية ولعلاقة الإنسان بالبيئة التي يعيش فيها.
  2. تحديد معايير النمو في كافة مظاهره وخلال مراحله المختلفة.
  3. فهم سلوك المتربين، والعوامل المؤثرة في نموه، ومحاولة تفسيرها، والتحكم فيها.
  4. إدراك الفروق الفردية بين المتربين.
  5. اكتشاف أي انحراف أو اضطراب أو شذوذ في سلوك المتربي, ومعرفة أسباب هذا الانحراف وتحديد طريقة علاجه
  6. وضوح الطريق في عملية التنشئة الاجتماعية.
  7. فهم المشكلات الاجتماعية وثيقة الصلة بتكوين ونمو شخصية المتربي والعمل على الوقاية منها وعلاج ما يظهر منها.
  8. توجيه المتربين, بما يفيد في تحسين توافقهم في الحياة.
  9. ضبط سلوك المتربي وتقويمه بهدف تحقيق أفضل مستوى من التوافق والصحة النفسية حاضراً ومستقبلاً