المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،، فهذا هو (دليل تحقيق التوافق النفسي لليتيم) ضمن منظومة برنامج عناية ً لرعاية اليتيم والذي يعتبر مكملا لتحقيق رؤية وهدف البرنامج المنصوص عليها في مذكرته التعريفية، حيث يهدف برنامج عناية أن يتمكن الطالب بعد تنفيذ البرنامج بإذن الله من أن:

  1. يحسن أداء الواجبات الشرعية.
  2. يتمثل الأخلاق الحسنة.
  3. يمتلك المهارات التي تساعده على تطوير ذاته.
  4. يجيد مهارات التفاعل مع مجتمعه.
  5. يتسم بالتوافق النفسي.

وقد حفلت منظومة برنامج عناية ووثائقه بالأنشطة والإجراءات التي تحقق الكفايات الأربع الأولى، وجاء هذا الدليل متمما لها ليعين المربي والجهة القائمة على البرنامج في تحقيق واحدة من أهم الكفايات، وهي أن يتسم اليتيم بالتوافق النفسي. رعاية اليتيم في الإسلام: حفل الوحيان بالنصوص الدالة على الإحسان إلى اليتيم ورعايته والعناية بنفسيته ودفع المضار عنه وجلب المصالح له في نفسه وماله، يقول الله تعالى :(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ) (البقرة: 220)

و خصه الله  عز وجل في عدة مواضع بالإنفاق والإحسان إليه :كقوله تعالى: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا )(الإنسان: 8) 

و قوله : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿11﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿12﴾ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿13﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴿14﴾ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴿15﴾ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ) (البلد: 16)

، ونهى الله عن قهره وإيذائه وأكل ماله بالباطل، وحبب النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان إليه ومراعاة نفسيته بالمسح على رأسه، وجعل أجر كفالته جوارا له في الجنة. َّ »وقد تعرضت الآيات في القرآن الكريم لشأن اليتيم في اثنتين وعشرين آية، ذ ِكرت فيها كلمة (يتيم) بالإفراد ثماني مرات، وبالتثنية مرة واحدة، وبالجمع (يتامى) أربع َ عشرة مرة، ومن تدبر هذه الآيات، وجدها مقسمة إلى أقسام ثلاثة: َّ القسم الأول منها: تعرض إلى بيان الإحسان إليه، والوصية به في شريعتنا والشرائع السابقة. والقسم الثاني: تعرض إلى بيان حقوقه الاجتماعية. والقسم الثالث: اعتنى ببيان حقوقه المالية.« ورعاية اليتيم لا تعني الاقتصار على إطعامه وكسوته والإنفاق عليه – وهي من رعايته العظيمة- ،ولكنها تشمل أيضًا بعدًا نفسيا وتربويًا مهمًا جدًا تلمحه في قول الله تعالى (فأما اليتيم فال تقهر) وفي وصية النبي صلى الله عليه وسلم بمسح رأس اليتيم، وتربية اليتيم تربية صالحة وتنشئته على معالي القيم وإكسابه المهارات وتسليحه بالمعارف التي سيحتاجها في حياته من عموم إكرامه الذي ذم الله من تركه (كلا بل لا تكرمون اليتيم).

ولأن اليتيم اختص بفقد والده الذي يقوم على شؤون معاشه وتربيته، فإن تعويض فقد الوالد المربي الذي يهتم بإصلاح ابنه وتأديبه لا يقل أهمية عن تعويض فقد الوالد العائل الذي يقوم على شؤون النفقة عليه وإعاشته، الشأن في تعويض فقد المربي أصعب من تعويض فقد العائل، ولذا كان لا بد لمن أكرمه بالتصدي لهذه المهمة من التحلي بمجموعة من الصفات والقيم والمهارات التي تعينه على المساهمة في التربية النفسية لليتيم على أكمل وجه.